ثلاث نقاط على حروف الثورة
النقطة .. الثانيـــــة
(1947)
الدكتور/ عصمت سيف الدولة
.. دق على الباب ،
ـ على . ولد يا على ، اصحَ .
ـ أبى . مازال الليل ليلا .
ـ أى ليل يا كلب يا بن الكلب . قلت لك اصحَ . قم من جوارها لتدرك
السوق . أمامك مشوار طويل لابد من أن تأخذ أول " معدية" . قم يا ولد .
ـ طيب . طيب . دعنى
لحظة فقط .
ـ قم يا ولد . أنا عارف . لا فائدة فيك ولا فى جيلك مادمتم تعودتم النوم فى
أحضان النساء . اتركيه يا امرأة .
وخرج على الى أبيه
. وعلى شاب كالرجال طولا وعرضا وبناءً متينا . ثم أنه قد زفت اليه زوجته منذ ثلاثة أيام
.
ـ أبى حرام عليك ما يزال الليل ليلا .
ـ نحن فى الصبح يا
أعمى .
وابتسم على ابتسامة لم
يرها والده الشيخ الضرير . وصحب أباه الى المسجد ليصلى بضعة عشرات من الركعات
تعويضا لما فاته أيام الشباب قبل أن يصلى الفجر . وعاد به الى المنزل . طار النوم
وعليه أن يدرك السوق . أمس خاطت له عروسه عشرين جنيها داخل جيبه حتى لا يسرق منه
ثمن البقرة . أولاد الحرام كثير فى سوق المركز . والبقرة هى الركن المكمل لبناء
الأسرة . لا يكمل الزواج إلا إذا دخلت مع العروس بقرة . وها هو نصف المهر بأعلى و
" النقطة " التى أهداها لك الناس يوم عرسك لتشترى البقرة فتصبح رجلا ورب
بيت . هذا ما كان والدك يستعجله . أن يراك رجلا ورب بيت قبل أن
تشرق شمس اليوم الرابع من زواجك . ولقد استعجل فى الحديث عن بقرتك أمس فعرف الذين
صاحبوه فى صلاة العشاء أن عليا سيشترى غدا بقرة .
ارتجف على . إن على
الطريق من يتربصون به لاشك فى هذا . فليستعن بابن عمه . أحمد ، وأحمد " خفير
نظامي " يحمل بندقية حكومية ويهابه الناس . ثم إن أحمد لا يقضى الليل فى أحضان إمرأته . إن إبنه الأبله أمين يشغل موقعه منذ
بضع سنين . ولو أراد أن يشغله لما استطاع الا تحايلا . ولقد علمه أحمد قبل تزوجه
كيف يحتال فى الوصول الى زوجه عبر أجسام البنات والأرامل اللاتى يملأن صحن
الدار . ثمانى نسوة ورجلان وشيخ ضرير وغلام أبله هو أمين . تلك هى الأسرة التى
أضيفت إليها بالأمس عروس وتضاف إليها اليوم بقرة .
لا حول ولا قوة إلا بالله .
بيت وخرب ..
قال قائل : كان الجدعان
يعبران القنطرة فوق الترعة الصغيرة عندما انطلقت الأعيرة النارية ، سقطا فى مياه
الترعة . سقط على بثروته . وسقط أحمد وبندقيته . وعندما تجمع أهل القرية وانتشلوا
الجثتين كان على وأحمد ينقصان الحياة والثروة والبندقية . اختلس الجوعى الملتاعون
بقايا قتلاهم . الجوع كافر . نسوة القرية كلهن يولولن فى منازلهن يغرفن من الطين
ويضعن على رؤوسهن ثم يدرن
فى حلقة ينشدن أغانى تقطر حزنا على ايقاع ضرب خدودهن فهن القريبات من على وأحمد .
عروس على غير مدربة . إنها تقع كثيرا قبل أن تتم الدورة . وتحت ظلال أشجار السنط يجلس
الرجال صامتون وقد دفنوا رؤوسهم بين أرجلهم. ولا تسمع الا همسا .
لاحول ولا قوة الا بالله
..
بيت وخرب ..
أما الشيخ الضرير فقد شل
حين بلغه النبأ . أما أمين الغلام فلا يعلم أحد أين ذهب . عشرون ساعة مضت قبل أن
تنتهى النيابة العامة من التحقيق وتأذن بدفن الجثتين . كانت النيابة العامة قد
وصلت بعد أن مضت خمسة عشرة ساعة . كانت قد علمت بعد أن مضت ساعتان . كان هاتف (
تليفون ) العمدة قد أبى أن يبلغ رسالته قبل أن تمضى ساعة .
ودفن على ودفن أحمد . ومن
يمت مقتولا لا تقام له جنازة ولا يقبل فيه عزاء الا يوم الثأر .
ومن الذى يثأر . أذلك الغلام الأبله ؟..
لاحول ولا قوة الا بالله .
بيت وخرب .
مات الشيخ . وتزوجت من
تزوجت . والتحقت الصغيرات بخدمة موظفى الحكومة وانتقلن معهم الى حيث لا يعرف أحد
كما فعلت من قبل مئات الفتيات الصغيرات . وغادر أمين القرية الى حيث لا يعرف أحد
كما فعل من قبل مئات من الغلمان . من حين الى حين تتردد الشائعات أن بنت فلان
أصبحت داعرا . وأن إبن فلان أصبح مجرما . ولا أحد يهتم فقد كان الموت جوعا أو غدرا
هو البديل على أى حال .
***
وفى ذات
أصيل … بعد سنين ..
كان " الأفندى "
جالسا على مقعده المريح يتأمل البحر أمامه
ويراقب الشمس وهى تكاد تغيب فيه . ويتذكر . أين الأمس من
اليوم . انقضت سنون طويلة منذ أن كان يتسابق هو ورفاقه ، عرايا كما ولدتهم أمهاتهم
. فى الانزلاق على مجارى الطين التى يصطنعونها . إنه الآن يتأمل البحر على شاطئ
" المنتزه ".
" المنتزه "
نعم المنتزه يا بن الهمامية . يا صبار الطين . يا برص الجبل الأجرد . فى المنتزه حيث كان يعيش فاروق
الملك وأهله يا ابن الفلاحين . يا لها من دورة رائعة . لم تذق فى العشرين سنة الأولى
من حياتك ماء صافيا من الطين أو الجراثيم ، وكان أهلك يعرفون أوصاف البحر من حجاج
القرى الأخرى ولكنك الآن مزروع فى المنتزه منذ الصباح الباكر كأنك ورثته عن أهلك .
ترى من الذى ورثك إياه ؟.
وعندما يغيب الضوء تحتضن الظلمة أحلام الغرور ..
من رحلة الحمار على الطريق المترب الى ملاهى قصر المنتزه طريق طويل
. قطعته بعقلك . باجتهادك . تعلمت فتفوقت فتخرجت فأنتجت فأصبحت من
رواد المنتزه . لم يورثك أحد شيئا . كسبت كل شئ فلا فضل لأحد عليك .
ويحجب ما بقى من أشعة
الشمس عملاق من البشر يلبس ملابس العوم وتدس فتاة رشيقة يدها تحت إبطه . إنه لا يراهما إلا كجسمين عابرين على صفحة أرجوانية .
ولكن الشاب يراه . يتوقف . يلتفت ، يترك
فتاته . يجثو على ركبتيه ليحتضن الجالس ويقبله قبلات حارة .
ـ من ؟
ـ أمين ..
ـ أمين من ؟.
ـ الا تعرفنى ؟
عرفه الآن واحتضنه ، ونهض
من مقعده فصافح زوجته .
أصبح كل شئ واضحا بالرغم
من غياب الشمس .
فهناك بعيدا عن قرية .
جنوب القاهرة . أنشئت قرية أخرى اسمها " عزبة الصعايدة " فيها أكثر من
ألف شاب من أبناء قريته يلبسون ملابس الأفندية . ويقرأون الصحف . ويتجادلون فى
السياسة . لأنهم قد أصبحوا عملا فى مصانع حلوان . وتحملهم سيارات المصانع دفعات
دفعات كل صيف . الى الاسكندرية . وتنثرهم كالورد ، على شواطئ قصر المنتزه ، ومنهم
أمين .
يا أحلام الغرور ..
وكيف ورث أمين بعد خراب
بيتهم موقعا فى قصر فاروق ؟..
*****
القاهرة فى 1977
The King Casino: The New King & The World of Gaming
ردحذفThe King Casino is the new place https://jancasino.com/review/merit-casino/ where the poormansguidetocasinogambling.com real money https://septcasino.com/review/merit-casino/ gambling is legal in Florida and Pennsylvania. We love the new casino. https://vannienailor4166blog.blogspot.com/ We've got 출장안마 some great