الاسلام والأمة العربية
الدكتور/ عصمت سيف الدولة
1- خلال أحقاب طويلة من
الهجرة والصراع سابقة على ظهور الاسلام كانت قد استقرت مجتمعات قبلية
متجاورة فى رقعة من الارض التى يحدها من الشمال البحر الابيض المتوسط وجبال طوروس
، ومن الشرق ايران والخليج العربى، ومن الجنوب المحيط الهندى ، فهضبة الحبشة ،
فالصحراء الافريقية الكبرى، ومن الغرب
المحيط الاطلسى . كان كل من تلك المجتمعات القبلية متميزا عن غيره بما ورثه من
العهد القبلى ، أى بالاصل الخاص واللغة
الخاصة والحياة الاقتصادية الخاصة ، وبتراث خاص من الثقافة والعقائد
والتقاليد ، والشعور بالانتماء القبلى . وحينما استقر كل منها فى مكانه أصبح
" شعبا" ودخل كل منها ـ منفردا ـ مرحلة التكوين القومى . التفاعل الحر
بين الشعب والارض المعينة لفترة تاريخية تنشئ من التفاعل حضارة قومية فتكتمل الامة
وجودا. ولو طال الاستقرار بتلك المجتمعات الشعوبية لتطورت أمما متميزة. غير ان
الاستقرار لم يطل بأية جماعة منها حتى تكون أمة، ولم يطل بها جميعا حتى تكون أمما
متجاورة. فقد اجتاحتها موجات متعاقبة كاسحة من الغزو الخارجى اما من وسط افريقيا،
او من اوروبا، أو من آسيا. كما أن موجات الهجرة الداخلية، السلمية والمقاتلة، لم
تنقطع عابرة بها ومستقرة فيها. وكانت فترات الغزو تعطل نموها وتعوق تكوينها القومى
بما تعيد من تكوينها البشرى : اضافة من الغزاة
أو نقصا بالإبادة أو الطرد، وبما تسببه من انقطاع فى اختصاص كل شعب بأرض معينة اضافة بضم أرض جديدة أو نقصا بالطرد من الارض،
وبما أدى اليه كل هذا من عدم توفر التفاعل الحر بين الشعب والأرض مرحلة تاريخية
كافية لتنشأ وتكتمل حضارة قومية. فما أن ينحسر الغزاة أو يستقروا لينشط التكوين
القومى حتى تدهمها ـ كلها أو بعضها ـ موجة غازية أخرى. واستمر هذا الوضع : فترات
متتابعة من الاستقرار فالاضطراب فالغزو فالاحتلال فالاستقرار … الخ ، تحبس نمو تلك
الشعوب والجماعات دون اكتمال الوجود القومى ، حتى ظهر الاسلام .
***
2- وعندما ظهر الاسلام لم تكن أية جماعة من تلك الجماعات
قد تكونت أمة. ولكنها كلها كانت قد غادرت مرحلتى التكوين الاسرى والعشائرى. ثم لم
تتسق تطورا. كان أغلبها قد أصبح شعوبا متجاوزة الطور القبلى. ولكن كان من بينها من
لا يزال فى الطور القبلى لم يرق الى ما بعده. فهى، جملة، كانت اما شعوبا واما
قبائل. ولقد جاء فى القرآن ما يشير الى هذه القسمة الثنائية للمجتمعات فى الجزيرة
العربية بين طورين اثنين من أطوار التكوين الاجتماعى : القبيلة والشعب :"
وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا "( الحجرات :13).
أما الذين كانوا، عند ظهور الاسلام، قد تجاوزوا
الطور القبلى واستقروا شعوبا فقد كان منهم الحميريون
فى جنوب الجزيرة العربية. كان منهم من يعتنقون
الديانة اليهودية . وكان من بينهم كثير من المسيحيين فلما أن أسرف ملكهم ذو نواس فى اضطهاد
المسيحيين استغاث أولئك بأقربائهم من الحميريين الذين كانوا قد عبروا البحر الاحمر
الى الحبشة وحولوها الى مملكة مسيحية. فاستجاب الاحباش الى دعوتهم وأغاثوهم وهزموا
ملوك الحميريين (عام 552م) واجلسوا على العرش أسرة حبشية متحالفة مع جستنيان،
الامبراطور الرومانى، فرد الفرس بأن تحالفوا مع ملوك حمير المعزولين، وطردوا
الاحباش، وأقاموا فى اليمن حكما فارسيا (575م). فاستقر الناس " شعبا "
وظلوا هكذا لم يتطوروا الى أمة بفعل خضوعهم للسيطرة الفارسية، الى أن ظهر الاسلام
.
وفى شمال الجزيرة
العربية كانت القبائل العربية من بنى غسان
قد استقرت فى الجزء الشمالى الغربى وما يحيط بتدمر فى سورية، منذ القرن الثالث
الميلادى، وأقاموا حكما تحت سيادة الامبراطورية البيزنطية، فتحولوا بالاستقرار على
أرض معينة الى " شعب"، وظلوا هكذا لم يتطوروا الى أمة بفعل خضوعهم
للسيطرة البيزنطية، الى أن ظهر الاسلام .
أما فى الجزء الشمالى
الشرقى، فان القبائل العربية من بنى لخم
كانوا قد استقروا على الارض الخصبة فيما كان يعرف باسم "العراق العربى"،
وأقاموا حكما فى " الحيرة " على نهر الفرات، تحت السيطرة الفارسية، فتحولوا
بالاستقرار على الارض الى "شعب"، وظلوا هكذا لم يتطوروا الى أمة بفعل
سيطرة الامبراطورية الفارسية، الى أن ظهر الاسلام .
وكان الناس فيما بقى من سورية
وفلسطين ثم مصر، وغربا حتى شاطئ المحيط الاطلسى مستقرين شعوبا متجاورة على
الارض، وعبيدا ( بمعنى الكلمة ) للرومان منذ قرون عديدة ولقد بلغت عبوديتهم التى كرسها القانون
الرومانى أن كان للسادة الرومان فى تلك الاقطار مدن خاصة بهم محرمة على غيرهم من
السكان، تأكيدا لعزلة السادة عن العبيد. منها مدينة " أنتيموبوليس" التى
بناها فى مصر الامبراطور الرومانى هادريان الذى حكم عام 130 م . فاستقرت تلك
الجماعات شعوبا، ولكن أيا منها لم يتطور الى أمة بحكم سيطرة الامبراطورية
الرومانية، الى أن ظهر الاسلام .
أما ما تبقى بما نعرفه الان بالوطن العربى فكان
عامرا بمجتمعات قبلية لم ترق بعد حتى الى مستوى الشعوب. ولم يكن تجمع بعض القبائل
حول الواحات الكبيرة أو الصغيرة أو عند ملتقى طرق القوافل التجارية أو فى المناطق
الجبلية الوعرة سواء فى الجزيرة العربية أو شمال العراق مما كان يعرف باسم "ميزوبوتاما"
أو فى مشارف صحراء أفريقيا الكبرى ذا أثر فى تكوينها القبلى. فقد كانوا يتجاورون
اقامة أكثر دواما من القبائل الجائلة، ولكن كقبائل متميزة، كما كان الامر فى مكة.
وكانوا فى كل مكان لا يكفون عن الحروب القبلية، أو لا يكادون يكفون، الى درجة انهم
ـ من أجل اتاحة فرصة لاتمام الصفقات التجارية بدون قتال ـ تواصوا بتحريم القتال فى
مناطق التبادل التجارى فى أشهر معدودة من السنة ، ما أن تنتهى حتى يعودوا جميعا،
بعد تلك الهدنة الاستثنائية، الى القاعدة القبلية : التضامن بين افراد القبيلة
ظالمين أو مظلومين والعداء لقبائل الاخرى بسبب أو بدون سبب.
***
3- من بين تلك القبائل العربية كانت قريش قبيلة فى مكة .
حملت اسم جدها " فهر" الذى كان تاجرا فلقب بقريش، أى التاجر باللغة التى
كانت سائدة فى القرن الثالث الميلادى . ومن بنى فهر كان قصى الذى توفى عام 480 م .
ومن بنى قصى كان هاشم الذى توفى عام 510 م . من بنى هاشم اولئك كان محمد بن عبد
الله الذى اختاره الله ليبلغ رسالة الاسلام الى الناس جميعا ( عام 610م) ."
الله أعلم حيث يجعل رسالته "(
الانعام :124).
***
4- بعد
مرحلة تكوين وإعداد ومعاناة لنشر الدعوة فى مكة بدأ انتشار الاسلام من المدينة
يحمله المسلمون الى الكافة . ومن المدينة بدأت مسيرة الثورة
"الحضارية الاسلامية" . ان فى هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام
من مكة الى المدينة ( 24 أيلول/ سبتمبر
622م ) من شجاعة القرار وحكمة التدبير ومهارة الاداء ما أفاض فى بيانه أغلب الذين تحدثوا عن الهجرة . وفى
هجرة المسلمين من مكة الى المدينة من عمق الايمان وثراء التضحية ومغالبة النفس ما حفظ للمهاجرين ، على مدى
التاريخ ، ما استحقوه من فضل القدوة . ولا يزال المؤرخون ذاكريه. ثم أن الهجرة قد
حققت للمؤمنين خلاص أنفسهم من اضطهاد قريش فأتاحت لهم الامن على الدعوة وعلى
أنفسهم . كل هذا متاح لمن يريد معرفة المزيد فى كتب السيرة والتاريخ . ننتبه نحن الى ما يتصل منه بموضوع هذا الحديث عن العلاقة بين
العروبة والاسلام : التأثير الحضارى للاسلام فى
تطور التكوين الاجتماعى.
***
5- يعلم
كل المسلمين المحيطين بالسيرة النبوية أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قد آخى
فى المدينة بين المهاجرين والانصار ( عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع الانصارى )
وغيرهما . وبين المهاجرين بعضهم مع بعض( بينه
وبين على ، وبين أبى بكر وعمر ، وبين طلحة والزبير ، وبين عبد الرحمن بن
عوف وعثمان ) وأن المؤاخاة كانت سببا مشروعا للمشاركة فى المال والارض وأسباب
الحياة وحفظها . ولقد فعل الرسول ما هو أكثر من هذا أثرا فى الوثيقة المسماة "الصحيفة" . سنورد نصها كاملا فيما يلى ،
ولكنا ننبه منذ الان الى أنها وثيقة تستحق كل الانتباه ، لاننا سنعود اليها فى
أكثر من موضع آت من هذا الحديث . ثم انها ـ عندنا ـ شهادة ميلاد الامة العربية.
***
أول دستور
6- تقول الصحيفة : " بسم الله الرحمن الرحيم . هذا كتاب من
محمد النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ( اسم
المدينة فى الجاهلية ) ومن تبعهم ، فلحق بهم ، وجاهد معهم ، انهم أمة واحدة من دون
الناس . المهاجرون من قريش على ربعتهم (أمرهم) يتعاقلون بينهم ( يشتركون فى
المسؤولية ) وهم يفدون عانيهم ( أسيرهم) بالمعروف والقسط بين المؤمنين . وبنو عوف
على ربعتهم ، يتعاقلون معاقلهم الاولى ، وكل طائفة تفدى عانيها بالمعروف والقسط
بين المؤمنين ( وذكر مثل هذا بالنسبة الى بنى ساعدة ، وبنى جشم ، وبنى النجار ،
وبنى عمرو بن عوف ، وبنى النبيت ، وبنى الاوس ) ثم قال :" وان المؤمنين لا يتركون
مفرجا ( مثقلا بالدين ) بينهم أن يعطوه بالمعروف فى فداء أو عقل . ولا يحالف مؤمن
مولى مؤمن دونه ( من اسلم على يديه ) . وأن المؤمنين المتقين على من بغى منهم ، أو
ابتغاء دسيعة ظلم ( طلب بدون حق) ، أو اثم ، أو عدوان ، أو فساد بين المؤمنين .
وان ايديهم عليه جميعا ولو كان ولد أحدهم . ولا يقتل مؤمن فى كافر ، ولا ينصر كافر
على مؤمن ، وأن ذمة الله واحدة ، يجير عليهم أدناهم ، وأن المؤمنين بعضهم موالى
بعض دون الناس . وأنه من تبعنا من يهود فان له النصر والاسوة غير مظلومين ولا متناصرين
عليهم . وان سلم المؤمنين واحدة ، لا يسالم مؤمن دون مؤمن فى قتال فى سبيل الله ،
الا على سواء وعدل بينهم . وأن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا ، وان المؤمنين
يبئ بعضهم بعضهم على بعض بما نال دماءهم فى سبيل الله ( يعنى أن دماءهم متكافئة
ويثأر بعضهم لبعض ) . وأن المتقين على أحسن هدى وأقومه ، وأنه لا يجير مشرك مالا
لقريش ، ولا نفسا ، ولا يحول دونه على مؤمن . وأنه من اعتبط ( قتل بدون ذنب) مؤمنا
قتلا عن بينه فانه قود به ، الا أن يرضى ولى المقتول وان المؤمنين عليه كافة ، ولا
يحل لهم الا قيام عليه ، وأنه لا يحل لمؤمن أقر بما فى هذه الصحيفة، وآمن بالله
واليوم الاخر، أن ينصر محدثا ولا يؤويه ، وأنه من نصره أو آواه ، فان عليه لعنة
الله وغضبه يوم القيامة ، ولا يؤخذ منه صرف( توبة) ولاعدل( فدية) ، وانكم مهما
اختلفتم فيه من شئ فان مرده الى الله والى محمد" .
7-
" وان اليهود يتفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين . وان يهود بنى عوف
أمة مع المؤمنين . لليهود دينهم ، وللمسلمين دينهم مواليهم وانفسهم الا من ظلم أو
أثم فانه لا يوتغ ( يهلك ) الا نفسه وأهل بيته . وان ليهود بنى النجار مثل ما ليهود
بنى عوف ( وذكر مثل هذا بالنسبة الى يهود بنى الحارث ، وبنى ساعدة ، وبنى جشم ،
وبنى الاوس ، وبنى ثعلبة ، وبنى جفنة ) وان جفنة بطن من ثعلبة ، وان بطانة يهود
كأنفسهم ، وأن البر دون الاثم ، وأن موالى ثعلبة كأنفسهم ، وأنه لا يخرج منهم أحد
الا باذن محمد . وأنه لا ينحجز على ثأر جرح ، وأنه من فتك فبنفسه ، الا من ظلم ،
وان الله على أبر هذا ( شاهد على صدقه ).
8- وأن
على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم ، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه
الصحيفة ، وأن بينهم النصح والنصيحة ، والبر دون الاثم . وأنه لن يأثم امرؤ بحليفه
، وان النصر للمظلوم … وان يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة . وان الجار كالنفس
غير مضار ولا آثم وانه لاتجار حرمة الا باذن أهلها . وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حديث أو اشتجار
يخاف فساده فان مرده الى الله عز وجل ، والى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وان الله على أتقى ما فى هذه الصحيفة وأبره ،
وأنه لا تجار قري ولا من نصرها ، وأن بينهم النصر على من دهم يثرب . واذا دعوا الى
صلح يصالحونه ويلبسونه فانهم يصالحونه ويلبسونه . وانهم اذا دعوا الى مثل ذلك فانه
لهم على المؤمنين الا من حارب فى الدين ، على كل أناس حصتهم من جانبهم الذى قبلهم
. وان ليهود الاوس مواليهم وأنفسهم مثل ما لاهل هذه الصحيفة مع البر الحسن من أهل
هذه الصحيفة . وان البر دون الاثم ، لا يكسب كاسب الا على نفسه .
9- " وان الله على أصدق ما فى هذه الصحيفة
وأبره ، وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم . وأنه من خرج آمن ومن قعد آمن
بالمدينة الا من ظلم أو أثم . وان الله جار لمن بر واتقى ، ومحمد صلى الله عليه
وسلم .
***
10ـ ان
هذه الوثيقة ليست قرآنا ولكنها وضعت فى ظل القرآن . وهى ليست عقدا فى المعاملات
ولكنها نظام للحياة. انها " دستور" بكل المعنى الحديث لكلمة دستور .
ولعلها أن تكون أول دستور وضعى عرفته البشرية . وانا لنعرف من تاريخ القوانين
الموضوعة الالواح الاثنى عشر فى روما ( عام 450 قبل الميلاد) . وقبلها بقرنين أو
أقل (620 قبل الميلاد) وضع دراكون قانونه فى اثينا ، وقبله بنحو خمسة عشر قرنا
(2000 قبل الميلاد) كان قانون حمورابى ، ولكنها جميعا كانت بالمفهوم الحديث للشرائع قوانين ولم تكن دساتير . اذ كانت تنظم
المعاملات بين الناس ولم تكن "
نظاما" للحياة . ثم نلاحظ ـ أولاـ انها وثيقة
نظام مجتمع من المسلمين ومن غير المسلمين على أسس الحياة المشتركة بينهم جميعا
. وـ ثانيا
ـ أن مصدر قوتها الملزمة واستمرارها هو قبولها واستمرار قبولها ممن تنظم حياتهم .
وـ ثالثا ـ انها تنظم تلك الحياة المشتركة فى
منطقة جغرافية واحدة هى المدينة . وـ رابعاـ انها
تنظم المعاملات فيما بين المؤمنين ( فقرة 7) ثم فيما بين اليهود ( فقرة 8) ثم فيما
بين المؤمنين واليهود وتسميهم معا"أهل الصحيفة " فتشركهم فى المدينة
بدون تفرقة ، ثم تلزمهم بالدفاع عن المدينة بدون تفرقة ( فقرة 9) . وخامسا ـ فانها تقيم على المدينة حاكما هو النبى عليه
الصلاة والسلام ارتضاه أهل الصحيفة ليرعى
الالتزام بها ويفرض أحكامها ، بقوة أهل المدينة جميعا، على من يخرج على دستورها .
اننا هنا فى مواجهة طور جديد من المجتمعات
لم تعرفه القبائل العربية فى وسط الجزيرة
من قبل . هناك تكون لأول مرة فى تلك البقاع "شعب" تتعدد فيه علاقات
الانتماء الى الدين ولكن يتوحد الناس فيه ، مع اختلاف الدين ، فى علاقة انتماء
جديدة . علاقة انتماء الى ارض مشتركة .
علاقة انتماء الى " وطن" . فترقى العلاقة الجديدة بالناس جميعا ( اهل
الصحيفة أو أهل المدينة ) الى ما فوق الطور القبلى . وهناك استقر الناس فى وطنهم ،
على أرضهم ، ولم يعودوا الى العلاقات القبلية مرة اخرى قط . وهناك سيكون جزاء محاولة
نقض العلاقة الجديدة بالوطن والعودة الى العلاقات القبلية النفى من أرض الوطن .
ولقد استحق الجزاء بنو قينقاع وبنو النضير . واستحقه بنو قريظة . جزاء خيانتهم
جميعا فى معارك الدفاع المشترك عن الوطن المشترك " المدينة".
وهناك سيتحدث القرآن عن المؤمنين ، لا جملة ، بل
حسب انتمائهم . فإما مؤمنون ينتمون الى قبائل ( الاعراب) ، وأما مؤمنون ينتمون الى
شعب "أهل المدينة": " ما كان لاهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن
يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه "( التوبة :120) . وهناك
سيتحدث القران عن المنافقين ، لا جملة ، لا حسب انتمائهم ، فإما منافقون
ينتمون الى قبائل (الاعراب) وإما منافقون
ينتمون الى شعب " أهل المدينة".
"وممن حولكم من الاعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على
النفاق"( التوبة :101) وان تلك لثورة حضارية لا مثيل لها فيما سبقها من
حضارات وثورات، لا لمجرد انها كانت سلمية وهى ثورية . ولا لمجرد انها ارتقت طفرة بمجتمعات
قبلية عريقة فى العصبية ، الى شعب قبل فى صحيفته ( دستوره) ان تقطع العلاقات
والروابط القبلية فى بنى عوف ، وبنى ساعدة ، وبنى جشم ، وبنى النجار ، وبنى أوس ،
فيصبح المؤمنون من تلك القبائل مع
المؤمنين ، ويخضعون معهم لنظام معاملات واحد، ويبقى الشطر الثانى منهم جميعا،
ينظمون معاملاتهم على ما كانوا . ليست العلاقات القبلية هى وحدها التى قطعت لتفسح
مكانا حضاريا لعلاقة الانتماء الشعبى الى الوطن ، بل قطعت العلاقات العشائرية ،
والاسرية ، والزوجية ، والابوة ، والبنوة ، والاخوة . فوق هذا وذاك ، وأكثر منه
دلالة على الطفرة الحضارية ، أن تلك العلاقات الجديدة قد شملت العلاقة الدينية فى
الوطن كما شمل شعب المدينة المسلمين وغير
المسلمين ، بدون أن يعوق ذلك تجاوز العلاقة الدينية العلاقة الوطنيه الى الناس
جميعا . ففى الوقت الذى كان الرسول يسوس شعب المدينة بما جاء فى الصحيفة ، كان يبعث عبد الله بن
حذافة السهمى برسالة الى كسرى امبراطور فارس ، وحاطب بن أبى بلتعة الى المقوقس
عظيم القبط فى مصر ، ودحية الكلبى الى هرقل امبراطور الروم ، وعمرو بن أمية الضمرى
الى النجاشى ملك الحبشة يدعوهم جميعا الى الاسلام. الاسلام الذى تطورت به القبائل
الى شعب وتعايشت فيه الاديان ، وسوى بين الناس على أساس ما ارتضوه من دستور فى
المدينة .
وإنا لندرك أبعاد تلك الثورة الحضارية اذا ما لاحظنا
أن جزءا كبيرا من البشر فى افريقيا واستراليا وجنوب شرقى آسيا ما يزالون حتى اليوم
يعيشون فى الطور القبلى بالرغم من محاولات
تطوير القبائل الى شعوب عن طريق حصرهم على أرض واحدة وحصارهم داخل حدود دولة واحدة
.
***
11- وهناك بدأت الامة العربية جنينا فى رحم أول مجتمع ( شعب) أوجدته ثورة الاسلام الحضارية
، ولدت فيه ، وتمت معه ، واكتملت أمة عربية به ، فقد فتح المسلمون مكة عام 630 م
وقضوا على القبائل المرتدة فى عهد أبة بكر ، ثم ما ان جاء عام 633 حتى كانت كل
القبائل والشعوب فى الجزيرة العربية قد
توحدوا فى شعب واحد ، وفتحت دمشق عام 635م وبيت المقدس عام 638 وما بقى من الشام قبل نهاية عام 640م ، وقبل أن ينتهى عام
643 كان قد تم فتح مصر وفارس . وفتحت برقة (670م) وامتد الفتح حتى شمل المغرب
العربى كله (698م) ، ومن هناك تم فتح اسبانيا ( الاندلس) عام (710م ) .
12-
وانا لنعلم أن الفتح الاسلامى قد امتد شرقا وجنوبا الى أبعد من فارس ، وانه
قد شمل قبرص ورودس (652ـ 655م) وكورسيكا (809م) وسردينيا (810م) وكريت (810م)
وصقلية (832م) ومالطة (870م)… الخ ، غير أننا نكتفى بما سبق لانه يلزم ، ويكفى ،
لمعرفة كيف كون الاسلام الامة العربية وهو يفتح تلك الاقطار منطلقا من المدينة الى
كل الاتجاهات . الا أن هذا لا ايغنى عن معرفة ما يلزمنا من مد اسلامى جاء من خارج
الارض العربية متجها اليها .
***
13- ففى القرن السادس الميلادى انطلقت مجموعات
قبلية تركية من شمال وسط آسيا حيث اقليم بحيرة بيكال نحو الغرب . كانت كل مجموعة
تحت قيادة "خان". ومازالوا يتقدمون مقاتلين حتى استولوا على فارس بقيادة
طغرل بك ، وارسلوا وفدا الى الخليفة العباسى القائم بأمر الله يبلغونه انهم مسلمون
، فاتصل بهم واتصلوا به (1055م) . بعد هذا التاريخ بقرنين تقريبا ، اى فى مستهل
القرن الثالث عشر ، اكتسحت العالم المعروف حينئذ ، موجة مغولية تتارية اخرى بقيادة
جنكيز خان ، فاستولت على الصين وفارس وتركستان وارمينيا والهند حتى لاهور ، وروسيا
والمجر وبولندا حتى سيليزيا (1241م ) . واجتاحت العراق وسورية وفلسطين ولم تنكسر
موجاتهم القبلية الغازية المخربة الا عام
1260 حين هزمهم جيش عربى بقيادة حاكم مصر، الظاهر بيبرس، فى معركة عين جالوت ،
وكانت تلك نهايتهم . غير ان اثارهم لم تنته . فقد دفعت موجاتهم الكاسحة احدى ا
لقبائل التركية ، عرفت فيما بعد بالاتراك العثمانيين من تركستان فاستلوا على آسيا
الصغرى ( تركيا حاليا ) ثم عبروا مضيق الدردنيل الى مقدونيا والصرب وبلغاريا
وفتحوا القسطنطينية ثم انثنوا الى الارض العربية وغزوها واستولوا على الحكم فى
الامبراطورية الاسلامية التى عرفت منذ ذلك الحين (1506ـ 1918م ) بالامبراطورية
العثمانية .
***
14- يكفى مما سبق ويزيد فنقول: عندما توقف المد
الاسلامى كان قد ضم اليه مجتمعات مختلفة
فى درجة تكوينها الاجتماعى، وبالتالى كان أثره الحضارى فى كل منها مختلفا . كانت
منها مجتمعات تجاوزت الطور القبلى والشعوبى وكونت حضارتها القومية . مثالها فارس
وأسبانيا .
فقد كانت فارس موحدة شعبا منذ أن حكمها أردشير (226م) حكما مركزيا
بيروقراطيا كثير الفروع وأعاد اليها الديانة القومية ( الزرادشتية ) وقاد الشعب
الفارسى لاسترداد الاقاليم التى كان الاسكندر الاكبر قد استولى عليها، وكانت ما تزال
تحت حكم الملوك الاكمينيين . وقد استردها فعلا ووحد الفرس ارضا وشعبا من نهر جيحون
فى الشمال الى العراق فى الغرب. وفى عهد خسرو الاول (531ـ 579م) المعروف باسم كسرى
أنوشروان كان الشعب الفارسى يتمتع بنظام دقيق للرى والسدود، ويمتلك جيشا نظاميا
ومجموعة من القوانين العامة وكانت الحضارة الفارسية قد قاربت أوج ازدهارها. ثم جاء
الاسلام وفتح فارس فى عهد يزدجرد الثالث عام (634م ) بعد أربعة قرون من استقرار
الشعب الفارسى على أرضه وتفاعله معها تفاعلا حرا انتج حضارته الخاصة .
وفى
أسبانيا كان الشعب الاسبانى يوم الفتح الاسلامى عام (711م) قد قضى نحو ثلاثة قرون
من الاستقرارعلى أرضه والتفاعل معها منذ حكم الملك تيودوريك الثانى (456م) تفاعلا
حرا أنتج خلالها حضارته الخاصة.
أما فيما يعرف الان باسم الوطن العربى فان الاسلام ، بعد أن طور سكان
الجزيرة العربية من قبائل الى شعب عربى ، انطلق الى ما يجاوره فالتقى واختلط
بمجتمعات كانت قد تجاوزت الطور القبلى واستقرت شعوبا وان كانت السيطرة الفارسية
والرومانية قد عوقت تطورها فلم تنشأ فى أى منها حضارة قومية ( كانت الحضارة الاشورية قد توقفت عن النمو منذ
الغزو الفارسى ، وكانت الحضارة الفرعونية قد توقفت عن النمو منذ الغزو الرومانى )
هذه الشعوب أكمل الاسلام تكوينها امة واحدة : رفع عنها العبودية الفارسية
والرومانية اولا . ثم الغى فيما بينها الحدود ، ثانيا . ثم قدم لها لغة
مشتركة ثالثا . ثم نظم الحياة فيها طبقا
لقواعد عامة واحدة ( القواعد الاسلامية ) رابعا. ثم تركها تتفاعل تفاعلا حرا مع
الارض المشتركة قرونا متصلة لم توجد خلالها سدود أو قيود على حرية الانتقال
والمتاجرة والعمل والتعليم والتعلم . ثم جمعها معا لتدافع عن الارض المشتركة
فى عين جالوت ، ثم على مدى قرن من الحروب
المستمرة ضد الغزو الصليبى . ونحسب أن فى ذاك القرن كانت الشعوب قد انصهرت فى
نيران المعارك فاكتملت الامة تكوينا . وهكذا صنع التاريخ الاسلامى من تلك الشعوب
امة واحدة هى الامة العربية ، وصنعت الامة العربية فى ظله حضارتها العربية .
***
15- بهذا تميزت الامة العربية عن الامم والشعوب الاخرى المسلمة ،
تميزت باللغة العربية ( لغة القرآن) لغة قومية مشتركة واندثرت اللغات الشعوبية . هذا بينما لم تأخذ
الامة الفارسية من لغة القران الا حروفها . وقد حدث بعد قرنين من الفتح الاسلامى
وعلى مدى نحو قرن كامل ، حين استولت الاسرة
السامانية (874م ـ999م) الحكم فى فارس ان عادت اللغة الفارسية الى سابق وضعها كلغة
قومية . اما الامة الاسبانية فبعد فتح اسلامى استمر قرونا عدة لم تحتفظ لغتها
القومية الا بمفردات محدودة من لغة القران. وتميزت الامة العربية بوحدة الارض التى
امتدت من حدود فارس وحدود تركيا وحدود اسبانيا (الاندلس) ، وحصرتها الصحراء
والبحار من الجهات الاخرى، حتى عندما كانت تلك الارض ومعها فارس وتركيا واسبانيا
تحت حكم الخلافة . فقد كانت الارض العربية ، منذ فتح مكة والجزيرة مقسمة الى ولايات
أو أقاليم على كل منها أمير، ثم بعد ذلك وال أو سلطان يعينه ـ ولو اسميا ـ الخليفة
، ولم يحدث أبدا منذ الفتح الاسلامى حتى الاستعمار الاوروبى أن قامت بين تلك
الولايات حدود أو سدود أو قيود . هذا فى حين ان اسبانيا تحت الحكم الاموى قد
استقلت بحدودها منذ (756م) ، وان فارس قد استقلت منذ ان استقل بها محمود بن
سبكتكين الغزنوى (998ـ 1030م) .
ولقد تصارع الخلفاء والحكام والامراء والولاة
دهرا على السلطة فى الارض العربية التى اصبحت القاهرة بعد دمشق وبغداد، عاصمة
الخلافة فيها سواء كان الخليفة عباسيا قادما من الشرق أو فاطميا قادما من الغرب،
ولكن لم يحدث أبدا أن خليفة أو حاكما أو أميرا أو واليا قسم الارض او البشر او اراد
تقسيمها بل كان طموح كل منهم، حتى الفاشلين، ان يكونوا حكاما على تلك الارض
الواحدة. وفى هذه الارض الواحدة انصهرت الشعوب. حتى من خلال الصراع ، وتفاعلت
فصنعت من أرضها ، وبلغتها ، انماطا من الفكر والمذاهب والفن والعلم والتقليد وعناصر
الحضارة الاخرى ما كان حضارة عربية خالصة حتى عندما كان الاسلام يطبع حضارتها
وحضارات الامم والشعوب الاخرى بطابع اسلامى مميز .
***
16- ولن نلبث أن نرى
أثر هذا حين تتفكك دولة الخلافة العثمانية. فيسفر العالم الاسلامى عن تلك
الامم التى دخلها الاسلام وهى امم مكتملة التكوين ، فإذا بها هى هى، كما كانت ،
امما متميزة بشعبها وأرضها ولغتها وحضارتها القومية الاصلية وان كان الاسلام قد
أضاف اليها حروف اللغة ، كما فعل فى فارس وهذب حضارتها القومية . ولكنه يسفر عن
تلك الشعوب التى كان لكل منها لغة خاصة وثقافة خاصة عندما دخلها الاسلام لاول مرة
، فاذا بها شعب واحد يعيش على أرض خاصة ومشتركة ، ولغة واحدة وثقافة واحدة، اذا
بها قد اكتملت فى خلال القرون التى قضتها معا فى ظل الاسلام امة عربية واحدة .
اما المجتمعات القبلية من العثمانيين التى لم تسفر شعبا فى تركيا الحديثة الا بعد أن
كانت الامة العربية قد اكتملت تكوينا، او كادت، فانها ستأخذ من لغة القرآن حروفه ،
ثم يضيق وعيها القبلى بعمق وثراء ورحابة الفكر الاسلامى العربى فتختار واحدا من
المذاهب لتفرضه اسلاما ( المذهب الحنفى ) فيبقى تراثها الاسلامى مذهبيا حنفيا.
وعلى مدى قرنين، قبل ان تكتمل امة " طورانية " فى اواخر القرن التاسع عش،
كان نموها القومى يتم خلال تفاعل قوى ومؤثر تأثيرا مباشرا مع الحضارة
الاوروبية الناهضة بقيمها الفردية
وأفكارها الفردية وفلسفتها المادية . فما ان تكتمل امة حتى تغالب حضارتها القومية
الهجينة ما اضافه الاسلام اليها من عناصر حضارية ، فتتخلى عن مذهبها وتستبدل
بالحروف العربية حروفا لاتينية وتنزع نزوعا شوفينيا ( مثل كل الحركات القومية فى
القرن التاسع عشر) لتحويل الدولة المشتركة بين الترك والعرب الى دولة تركية تفرض
سيطرتها على الامة العربية ، فتستجيب الامة العربية للتحدى، وتبدأ الحركة القومية
العربية الحديثة مستهدفة دولة الوحدة العربية.
***
17- تلك هى العلاقة التاريخية " الخاصة
" بين الاسلام والامة العربية . وهى علاقة جدلية، انتهت الى خلق جديد
. فكانت الامة العربية ثمرة تفاعل الاسلام مع تلك الشعوب والمجتمعات والجماعات،
وتفاعلت فيما بينها فى ظل الاسلام وحمايته ، تفاعلا انتهى الى أن تكون شعبا عربيا
واحدا بدلا من شعوب متفرقة ، ووطنا عربيا واحدا بدلا من أقاليم متعددة. واستمدت
اسمها من تلك النواة التى بدأ بها التكوين القومى فى الجزيرة العربية، وحملت راية
الاسلام الى باقى الوطن العربى ، وقادت حركة التفاعل الخلاق الذى انتهى الى أن
تكون، كما نحن ، أمة عربية . وما كان هذا ليحدث لولا
التقاء امرين فى مرحلة تاريخية واحدة : الاسلام
كثورة حضارية قادرة على التطوير والخلق ، والشعوب لم تكتمل امما ، فهى قابلة لان
تتطور وتخلق من جديد . ولم يكن أى الامرين بمفرده
قادر على أن يخلق " الامة العربية. " وهكذا اسهم الاسلام فى
تكوين الامة العربية . ولكنها عندما تكونت كانت وجودا ذا خصائص متميزة عن العناصر
التى التحمت معا فكونتها . فهى "أمة عربية " وليست جماعة مسلمة من ناحية
. وهى " امة عربية " وليست امتدادا ناميا لاى شعب من الشعوب التى كانت
من قبل ، ولا حتى لتلك النواة التى بدأت بها مرحلة التكوين القومى منذ ثلاثة عشر
قرنا فى قلب الجزيرة العربية .
***
18ـ وهكذا لم يكن الاسلام دينا فحسب ، بل كان ثورة اجتماعية ذات
مضامين حضارية . أنشأت بينه وبين الامة العربية علاقة عضوية تاريخية خاصة . ذلك أن
الاسلام ، كثورة اجتماعية قد لعب دورا أساسيا فى تكوين الامة العربية . فما ينكر
الوجود القومى للامة العربية الا من ينكر على الاسلام مضمونه الثورى الحضارى الذى
اسهم فى تكوين الامة العربية . وما ينكر أن الامة العربية " أمة
الاسلام" ـ اذ قد أسهم فى وجودها ولم تكن موجودة من قبله ـ الا الذين يفرغون
العروبة من حضارتها . والحق أنه حيث نبحث عن حضارة اسلامية خالصة من الآثار
الشعوبية لا نجدها الا فى الحضارة العربية ، وحيث نبحث عن حضارة عربية خالصة من
الاثار القبلية لا نجدها الا فى الحضارة الاسلامية . كذلك أصر الاكثر علما
بالتاريخ على التوحيد بين كلمة "مسلم" وكلمة "عربى" فى
الدلالة على الحركة الحضارية يوم أن كان العرب ينتصرون للاسلام فينتصر الاسلام لهم
.
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق