كان الاستبداد قائما، بصورة أو بأخرى، منذ بداية البشرية، وما يزال قائما في مجتمعات كثيرة معاصرة. إنما الذي تغير أو تطور أو تحضر فهو مبرراته كما يدعيها المستبدون والمنتفعون من الاستبداد. ومن بين المستبدين والمنتفعين منه طغمة كثيفة العدد، متصلة الأجيال عبر التاريخ، من كهنة وفلاسفة ومفكري الاستبداد. انهم إن لم يكونوا من المستبدين أنفسهم فهم من محترفي الدعارة الفكرية. أولئك الذين يعرضون ويستعرضون أثمن أعضائهم وأكثرها إغراءً، عقولهم ويبيعونها متعة لمن تغريه أفكارهم كما تفعل الداعرات من النساء. ولهم، كما لهن، في هذا حيل وفنون يمارسونها حتى وهم لا يدرون.
الدكتور/ عصمت سيف الدولة ـ كتاب الاستبداد الديمقراطى
الفصل الأول: الاستبداد المتخلف ـ صفحة 21