أزمة الحرية فى الوطن العربى *
الدكتور/
عصمت سيف الدولة
والحقيقة
القائمة في أغلب الأقطار العربية مرة كطعم العبودية ذاتها. ان ملايين من أبناء
الشعب العربي لم يصلوا الى حد التحرر من الخوف من البطش بلا انذار، والاتهام بلا
تحقيق، والسجن بلا محاكمة، والقوانين بلا عدالة، والجوع والتشريد بلا ذنب والخوف
من أن تهدر الحياة، وأن يقطع الرزق، وأن تهان الكرامات. الخوف الذي يشل التفكير،
ويعمي البصائر ويخلع القلوب، فلا تقوى الجماهير على مجرد الشكوى من المشكلات، ولا
على معرفتها، ولا على حلها، وتبقى المشكلات قائمة بدون حل. وما دام الخوف يحبس
الألسنة فلا تشكو، ويرعب الناس فلا تقول، ويخرب الذمم فتختلق الحلول نفاقا، فان
أول أسباب الجدل الاجتماعي معدوم. أول شروط الديموقراطية غير قائم. فاننا اذ ننطلق
من مشكلات غير معروفة، لأن الخوف قد حبسها، أو لأن النفاق قد زيفها، فان تبادل
الرأي - ولو شكلت له المجالس والتنظيمات- سيدور على مشكلات مجهولة أو زائفة، فتصبح
الحلول معلقة في رؤوس أصحابها تدور على هوى المستبدين. ولن يجدي بعد هذا أن يكون
لكل انسان حرية العمل ولو كان عملا سياسيا. المنطلق خطأ. والأساس الديموقراطي
منهار. لأن، الناس في أغلب أقطار الوطن العريى خائفون. وللناس في أغلب أقطار الوطن
العريى أسباب تبرر الخوف الدائم، ولو كانت أسباب الخوف قد انقطعت. فان كثيرا من
حكام العرب لم يستطيعوا حتى الآن أن يكسبوا ثقة الناس في أقوالهم ولو قالوا لهم:
انكم آمنون.
*****
* من كتاب أسس الاشتراكية العربية (الجزء الثانى) ـ ص 85
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق