حاول أنصار الاستبداد فى بعض الأقطار العربية، توظيف النقد الذى وجهه الدكتور عصمت فى كتابه للنظام الليبرالى، والذى أسماه بالاستبداد المتحضر، لتبرير ومباركة اجراءات الثورات المضادة فى العصف بكل المكتسبات الديمقراطية التى حققتها الشعوب فى الثورات العربية.
ولذلك ننشر
السطور التالية التى يحرض فى ذات الكتاب، الشعوب على الدفاع عن كل مكسب أو
خطوة نحو الديمقراطية مهما كانت صغيرة.
***
فى مجتمعاتنا النامية لا يكون السؤال الاساسي هو: هل
ثمة نظام ديموقراطي؟
بل يكون: هل نحن نتقدم نحو
نظام ديموقراطي؟
بحيث يكون النظام الديموقراطي مثلا أعلى يوجه ويقود
جهد البشر
وتكون كل خطوة فكرية أو قانونية أو سياسية أو
اقتصادية أو اجتماعية أو تربوية تحرر الشعب من التخلف الديموقراطي هي خطوة
ديموقراطية نحو النظام الديموقراطي.
وتكون كل ردة فكرية أو قانونية أو سياسية أو اقتصادية او اجتماعية او تربوية عما اكتسبه الشعب فعلا هو هدم وتدمير وانهيار في بناء الديموقراطية غير المكتمل يعود بالشعب إلى بداية الطريق ليدفع ــ مجددا ــ ثمن التقدم نحو الديموقراطية، كأنه #تنتالوس ملك فريحيا الذي تقول عنه الأسطورة الاغريقية انه لم يطع الاله زيوس فجازاه بأن سلط عليه ظلما شديدا فوضعه وسط بحيرة ينحسر ماؤها كلما هم بشربه وعلق فوق رأسه أغصانا ثقيلة بالفاكهة تبتعد عنه كلما حاول الوصول اليها. وانه حقا لظلم شديد للشعوب النامية أن تحمل عبء إعادة تجربة البشرية كلها كأن البشرية لم تدفع أثمانا باهظة لدفن الاشكال المنحطة والبدائية من الاستبداد في مزبلة التاريخ.
الدكتور/ عصمت سيف الدولة ـ كتاب الاستبداد الديمقراطى 1980
الباب الأول: الاستبداد المتخلف ـ صفحة 23
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق